Thursday, July 14, 2005

الأقباط وسؤال المواطنة-5

السؤال السادس
هل هناك دور ما للكنيسة القبطية من حالة الحراك السياسي الجاري في مصر؟ وهل ثمة توجيهات لقيادات
الأقباط السياسيين؟
- رصيد المؤسسة الكنسية التاريخي هو أنها تتعامل مع مؤسسات الدولة، وليس مع نظم الحكم، وهي لا تراهن على أحد ولا ترفض أحدًا. وبالتالي هي ليست جهة اختصاص كمؤسسة دينية للدخول كطرف في الحراك السياسي، وجل ما تساهم به إن رغبت هو إعلان مواقفها الأخلاقية والإنسانية التي ترفض الظلم الاجتماعي، وانتهاك الحقوق الإنسانية فترفض التعذيب والإقصاء والتمييز.
أما عن كون الكنيسة توجه خطابًا ما للقيادات القبطية أو أنها حجبت أو حجمت قيادات سياسية عن المشاركة في عمل ما؛ فهذا تحميل لها فوق طاقتها؛ فالمؤسسة الكنسية المصرية ليست مُسيَّسة بالقدر الذي يصوره البعض.. إنها بالأساس مؤسسة رعوية دينية.
السؤال السابع والأخير
هل من مصلحة الأقباط التعاون والتنسيق مع التيار الإسلامي لإحداث التغيير السياسي المنشود؟ وكيف تنظرون للعلاقة مع هذا التيار في ضوء ما يحدث حاليا؟
- أي تيار سياسي عليه السعي لتسويق رؤيته لكافة المواطنين بغية إقناعهم بأهمية وصوله لسدة الحكم من أجل صالحهم. والتيار الإسلامي السياسي في هذا الإطار له مصلحة في توضيح موقفه من الكثير من قضايا الوطن لكل شركائه في الوطن، وأظنه قادرًا على ذلك إذا تم التركيز عليه كهدف إستراتيجي.
على هذا الأساس فإن سعي التيار الإسلامي لطمأنة الشخص القبطي مشروع، لكن أن يتحدث التيار الإسلامي مع مجموعة من الأقباط أيا كان موقعها، ومن ثم يكون ذلك حديثا أو تعاونًا أو تنسيقًا بين "الأقباط" والتيار الإسلامي؛ فهذا غير صحيح؛ لأنه سيكون السؤال: من الذي منح هؤلاء حق التعاون والتنسيق باسم الأقباط؟ واقع الحال أن كل من يحاول التعامل مع الأقباط يجد أنه ليس هناك جهة محددة تمثل الأقباط سياسيا للتعامل معها، ولعله لهذا السبب أصبح الأقباط فيما أرى -ودون فضل منهم- صمام أمان لهذا الوطن من التطرف والشطط، وإن أردت دليلا على ذلك فاقرأ ما كتبه المقريزي

Monday, July 11, 2005

الأقباط وسؤال المواطنة-4

السؤال الخامس
ما هو الموقف من قضية النص الدستوري الخاص بأن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع في مصر؟ هل يمثل عائقًا أم عاملاً مساعدًا للانضمام والاندماج في الحراك السياسي الحالي؟
-هذه القضية مهمة وحساسة، ويهمنا هنا نقطتان
النقطة الأولى: تتعلق بطريقة عرض القضية على المجتمع؛ فمن ناحية يقفز البعض من قضية مناقشة نص دستوري إلى قضية رفض الشريعة الإسلامية، ومن ثم يخلط هذا بذاك، ومثالا على ذلك ما قرأته على موقع "إسلام أون لاين.نت" للدكتور "رفيق حبيب"، حين تحدث عن رغبة بعض الأقباط المدعومين من الخارج ومريديهم في الداخل إلغاء المادتين الأولى والثانية من الدستور، ثم قفز لاستنتاج أنهم يقعون في خانة "المستعدين للخارج على ثوابت الأمة".
وخطورة مثل هذا الكلام أنه يعني أن أي شخص يتحدث عن مواد في الدستور صادف أن لاقت قبولا لدى تيار سياسي محدد يدخل في باب العمالة للأجنبي وخيانة الأمة، وهي اتهامات خطيرة، ولا تطول الأقباط فقط وإنما تطول كل من يتعرض للدستور بالنقد والتحليل.
وفي حالتنا هذه تم وضع الأقباط في خانة الخيانة، وأضيف من عندي -طبقا لطريقة الدكتور "رفيق"- العلمانيين المصريين الذين يرفضون أن يكون للدولة دين؛ لسبب أن الدولة لا تقوم بالعبادات، وإنما هي نظام مؤسسي لتيسير أمور الناس؛ فكيف يكون لها دين؟ وهنا يقترح البعض -وأنا أوافقهم- النص بأن دين غالبية الشعب المصري هو الإسلام، وينبغي أن يراعى ذلك في التشريع؛ فهل دخلتُ هنا في زمرة الخائنين والعملاء؟
إن مشكلة عرض تطبيق الشريعة الإسلامية تكمن في عارضيها؛ فما رشح من المتصدرين لتطبيقها هو دعاوى حسبة لتفريق الأزواج، وحديث دائم عن الحدود، ومصادرة أعمال أدبية وفكرية، وذلك على الرغم من أن هناك اجتهادات فكرية إنسانية راقية في مجالات الحقوق والعدل والأخلاق الإنسانية لمجموعة من المفكرين الكبار، مثل المستشار طارق البشري، والأستاذ سليم العوا، والدكتور أحمد كمال أبو المجد وغيرهم. وتقديري أنه حتى الآن لم تحل مشكلة الشريعة الإسلامية وقيام الدولة الحديثة، وأنا هنا أتفق مع ما كتبه الأستاذ عبد الرحمن الحاج على موقعكم منذ شهور حول "الدولة في الفكر الإسلامي".

النقطة الثانية: تتعلق بالدستور؛ لأننا إذا اتفقنا على أن الدستور يمثل النص المتفق عليه بين أفراد الشعب وفئاته تعبيرا عن عقد اجتماعي، وليس نصًّا مفروضًا على الشعب ممن يظن أنه الأعلم والأتقى؛ لأصبح لدينا إطار حاكم نتحدث فيه. ومن ثم نترك لجمعية وطنية تأسيسية البت في الأمر.
من ناحية أخرى، ونتيجة لطريقة عرض موقع الشريعة الإسلامية من القانون أضر المتحمسون دون أن يدروا بموقع الحضارة الإسلامية والعربية في وجدان الكثيرين.. أليس من المستغرب أن يترك التركيز على الجامع الثقافي والحضاري العربي الإسلامي، ويتم التركيز على المفرق الديني؟.
يا سيدي، الجامع الأزهر بالنسبة لي هو عبقرية حضارية أفخر بأنني جزء منها، وأنها جزء من تراثي الحضاري.. أليس هو كذلك بالنسبة لك؟ بل إذا زدت أنه لك مسجد أقول لك: هو لي ملهم بالروحانية، وجلال الذات الإلهية.

Saturday, July 09, 2005

الأقباط وسؤال المواطنة-3

السؤال الثالث
مَن المسئول عن هذا الغياب أو التغييب؟ هل هو النظام أو المناخ السياسي العام، أم أن هناك أسبابًا تتعلق بالأقباط أنفسهم؟
- ليس لدي شك في أن عقود الأزمة الطائفية أفرزت مناخًا تراجعت فيه الثقافة النقدية والعقل النقدي الذي يعتمد على المعلومات الكافية للحكم. ومن ثم شاعت في مصر الثقافة السمعية المنحازة والمبتسرة التي كون فيها كل طرف من أطراف المجتمع صورة مشوهة عن الطرف الآخر.
وبالنظر للأقباط الآن ستجد أن صورة الحضارة الإسلامية لديهم مشوهة تماما، وصورة العالم نالها كثير من التشويه، ولك أن تفتش عن التعليم والإعلام، وأيضا التعليم الديني بالكنائس.. نعم لدى الأقباط مشاكل معرفية بل إعاقة معرفية تمنعهم من المشاركة الصحية. وكي نعرف المسئول عن ذلك علينا أن ننظر إلى ثقافة المصريين العامة، ليس فقط عن مجتمعهم الحالي؛ بل أيضا عن تاريخهم. فالمسلمون اختصروا تاريخ مصر ليبدأ من القرن السابع الميلادي (الأول الهجري)، والأقباط لديهم تاريخ من الاضطهاد معظمه حقيقي وبعضه مفتعل، ولكن تتم قراءته بعيدا عن السياق التاريخي والاجتماعي، ويبدأ من القرن الأول الميلادي ويستمر حتى الآن. ويظل الطرفان بعيدين كل البعد عن العلم الحديث، ومستسلمين كل الاستسلام للغيبيات والخرافات.. فمن المسئول إذن؟
السؤال الرابع
متى يتخلص أقباط مصر من الشعور الدائم بالظلم والاضطهاد؟ وما هي أفضل الطرق للتخلص من هذا الشعور السلبي؟
- يجب أن نؤكد هنا أن هناك حالة من الظلم تعرض لها الشعب المصري كله على مدى قرون، وفي كل المجتمعات تتعرض الحلقات الأضعف في المجتمع للنصيب الأكبر من الظلم والاضطهاد، مثل المرأة والأقباط في حالة مصر. وهذا ليس شعورا بل هو واقع مرير يعيشه الجميع، وإن نال بعضهم حجم أكبر من الظلم.
أما كيف نتخلص منه جميعا؛ فأظن أنه آن الأوان للحوار الوطني الحقيقي الذي يضع قاعدة أن "العدل للجميع والحرية للجميع هو أساس للحياة في هذا الوطن".
* ما هو الإطار الذي يفضله الأقباط في ممارستهم العمل العام؟ هل هو تأسيس كيانات حزبية وسياسية مستقلة بهم، أم المشاركة في كيانات قائمة، أم التحالف مع باقي القوى السياسية في المجتمع؟
- نستكمل هنا ما سبق أن قلناه من أن الأقباط ليسوا فصيلاً سياسيًّا. وعلى مستوى القبطي العادي لم يرصد أحد وجود تيار قبطي يسعى لتكوين حزب سياسي، وأنا هنا أتحدث عن تيار وليس إعلانا لشخص واحد وثلاثة أفراد بأنهم سيعلنون حزبا قبطيا.
وظني أن الأقباط يدركون أن تكوين حزب قبطي هو بمثابة موافقة صريحة على اعتبارهم طائفة، وأقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه في هذه الحالة هو مكاسب طائفية. لكنهم لن يشاركوا في إدارة الوطن التي هي أساس المواطنة، والسعي لحزب سياسي يكون بناء على أجندة سياسية للوصول إلى الحكم؛ فإن كان المسعى من الأساس طائفيًّا؛ فكيف يمكن أن يتحقق هدف الحزب السياسي. والجميع يعرف أن فكرة الحزب القبطي هي من قبيل الحمق السياسي الذي قد يفيد أطرافًا أخرى في الساحة السياسية، لكنه بالتأكيد سيضر بالوطن وبالأقباط أنفسهم.

Thursday, July 07, 2005

الأقباط وسؤال المواطنة-2

السؤال الثاني
لماذا تراجعت مشاركة الأقباط في القضايا الوطنية وفى الحياة العامة؛ حيث يذكر البعض أن آخر مشاركة للأقباط كانت في ثورة 1919؟
لنبدأ من ثورة 1919 التي يقول عنها المستشار طارق البشري: إنها "أنهت على أزمة الحركة الوطنية
المصرية في مرحلتها الأولى" أي قبل 1919، وهي المرحلة التي ساد فيها الاستقطاب الطائفي والسياسي؛ فالزخم الوطني المصاحب للثورة ساهم في إزالة أسباب الانقسام في الجماعة المصرية. والمعنى هنا أن
ثمار الحركة الوطنية لمناخ سياسي وطني ومواتٍ دفع بكل فئات الشعب بما فيهم الأقباط إلى المشاركة في الحياة العامة.

لماذا إذن كان الانسحاب؟

- يمكن أن نقسم مراحل الانسحاب إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى وتمتد منذ بداية الثلاثينيات وحتى ثورة يوليو 1952:
منذ بداية الثلاثينيات من القرن العشرين بدا واضحا أن الحياة السياسية في مصر دخلت مأزقًا جديدًا، كان من تداعياته أن دخلت الحركات الشيوعية والإخوان المسلمون إلى الساحة السياسية كتيارات موازية للأحزاب الرسمية، ومن ثم تعقَّد المشهد السياسي مرة أخرى، واضطرب المناخ السياسي الصحي الذي يسمح للشعب بالمشاركة المأمونة في العمل السياسي والحياة العامة. وكان من نتائج ذلك أن نشط الأقباط في مجال الجمعيات الأهلية؛ مثل: جمعية "الإيمان القبطية" و"الكرامة" و"ثمرة الإخلاص"، وكلها جمعيات اهتمت بالتعليم، وأنشأت مدارس يتعلم فيها كل المصريين دون تمييز.
وكان من نتائج هذه المرحلة أيضا أن نشط قسم كبير من أقباط الطبقة الوسطى المتعلمين في الكنيسة المصرية بهدف إصلاحها فيما عرف بحركة "مدارس الأحد".
وقد انتهت هذه المرحلة بالانقسام الشهير في حزب الوفد في أعقاب الأزمة الشهيرة بين مكرم عبيد والنحاس باشا؛ مما أثر على مشاركة الأقباط في الحزب الأثير لديهم على مدى أكثر من ربع قرن.

المرحلة الثانية هي المرحلة الناصرية: حيث يتفق الكثيرون من المؤرخين أن ثمة عوامل ثلاثة ساهمت في استمرار ابتعاد الأقباط عن العمل العام؛ هي

العامل الأول: عدم وجود أقباط بين عسكر الثورة بسبب الظروف التاريخية التي تشكل خلالها الجيش المصري في العصر الحديث منذ عهد محمد علي حتى قيام الثورة.
العامل الثاني: أن المشروع الناصري أمّم الفضاء السياسي والاجتماعي لتصبح الدولة وبيروقراطيوها هم المسئولين عن الشعب؛ مما جعل الشعب كله يدور في فلك المشروع الناصري.
العامل الثالث: أن المشروع الناصري أطاح بالطبقتين اللتين كان الأقباط يشاركون من خلالهما في العمل العام، وهما: طبقة كبار ومتوسطي ملاك الأراضي، وأفندية البيروقراطية المدنيون الذين حل العسكر محلهم في إدارة شئون الحياة المدنية.
وقد تنبه عبد الناصر لمشكلة عدم وجود الأقباط في مشروعه عندما أجريت أول انتخابات برلمانية بعد الثورة في عام 1957، وفيها لم ينجح قبطي واحد في دخول البرلمان، وكان الحل الذي تحول إلى مشكلة قائمة حتى الآن هو تعيين الأقباط في مجلس النواب، والتعامل مع المؤسسة الكنسية المصرية في حل مشاكل أو الاستجابة لمطالب الأقباط. وهنا أيضا حصل الخلط بين الأقباط كمواطنين لهم مشاكل ومطالب المواطن المصري في العموم، ومشاكل ومطالب المؤسسة الكنسية مثل بناء الكنائس.
وفي المحصلة النهائية كانت الإجراءات التي اتخذتها ثورة يوليو فيما يخص الأقباط في إطار المشروع الثوري العام، ولم تكن موجهة للأقباط بصفتهم هذه، كما أن مشروع عبد الناصر وشخصه لاقى قبولا واسعا لدى الأقباط، خاصة الأجيال التي نشأت في أحضان الثورة، غير أن المنهج الذي ساد في الفترة الناصرية أدى إلى تراجع الأقباط في العمل العام.
المرحلة الثالثة: منذ بداية السبعينيات وحتى الآن: ونستطيع إدماجها في النقاط التالية:
- انقلاب الدولة على المرحلة الناصرية بلجوء الدولة إلى التيار الإسلامي لتصفية اليسار بطوائفه، وشيوع مناخ ديني متزمت شارك فيه الإعلام المصري وإثارة مناخ التعصب؛ وهو ما أدى إلى صدامات طائفية يعرفها الجميع امتدت من أزمة الخانكة عام 1972 حتى أزمة الكشح عام 1999.
- عندما اصطدمت الدولة مع التيار الإسلامي المسلح كان الأقباط في مرمى النيران، ونالهم العديد من الطلقات التي أسهمت بشكل كبير في تقوقعهم رغم محاولات الدولة والتيار الإسلامي المعتدل طمأنتهم.
- أدى انسحاب الدولة من الخدمات الاجتماعية وعدم وجود مجتمع مدني للقيام بهذا الدور إلى قيام المؤسسة الكنسية في ظل قيادة كنسية اتسع لديها مفهوم الرعاية الروحية ليشمل معظم جوانب الحياة الشخصية للقبطي بهذا الدور، وانتشرت في الكنائس فرص النشاط الرياضي والفني والسياحي، وأصبحت الكنيسة المكان المناسب للهروب من الدولة والتيار الإسلامي معا.
وكان من نتائج هذه المرحلة أن هاجر عدد كبير من الأقباط الذين نشئوا في هذا المناخ الطائفي ليشكلوا فيما بعد ظاهرة أقباط المهجر في شكلها الجديد، وأصبح بعض أفرادها أكثر حدة وطائفية.
وعليه.. فإن النتائج التي يمكن الخروج بها من العرض السابق هي أن هناك أزمة جادة في مسار ولادة الدولة الحديثة في مصر، أدت إلى حالة مستمرة من الاحتقان السياسي التي لم تتوقف لحظة؛ بل ازدادت مع الوقت؛ وهو ما أدى إلى تراجع العمل السياسي على طول الخط وملء الفراغ الناجم عنه أمنيًّا؛ مما زاد من العنف من ناحية، ودفع بفئات الشعب المصري عامة إلى حالة من التدين المظهري المتزمت، وبعيدا عن العمل العام. لهذا يمكن أن نقول بأن الأقباط ليس لديهم قرار بالانسحاب من الحياة العامة، ولكنهم فعلوا ذلك باعتبارهم جزءًا من الشعب المصري، كما أنهم كانوا أكثر ذعرًا نتيجة لوجود تيار سياسي إسلامي معارض قوي؛ كونه دينيا إسلاميا فهو من وجهة نظر الأقباط يستبعدهم تلقائيا.
- ولكن حالة الحراك التي تسود مصر اليوم تثير التساؤل حول أسباب غياب الأقباط باستثناء رموز محدودة عن المشاركة في هذه الحركة الديناميكية التي تشهدها مصر..
في تقديري أن الوقت ما زال مبكرًا للحكم على مدى مشاركة القواعد الشعبية بصفة عامة فيما يحدث الآن؛ فكما سبق أن قلت فإن الشارع المصري تحول فعلا من حالة اللامبالاة وعدم الاكتراث إلى مرحلة المراقبة بانتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، والأقباط ليسوا استثناءً في ذلك، لكن أستطيع أن أقول بأن هناك تحولا طرأ في مشاركة أفراد الطبقة الوسطى من الأقباط، خاصة المهنيين، ويتمثل ذلك في ازدياد الأعداد المشاركة منهم في النشاط السياسي الحالي.

Wednesday, July 06, 2005

الأقباط وسؤال المواطنة -1

حوار تم نشره على موقع إسلام أون لاين مع الأستاذ حمدي الحسيني.
والهدف من نشره هنا هو إثارة حوار حول القضايا والأسئلة التي طرحها الأستاذ الحسيني كونها أسئلة جادة وموضوعية وتعبر عن روح وطنية راغبة في الحوار الجاد
السؤال الأول
أين الأقباط مما يجري على الساحة المصرية حاليا؟
- يعاني المجتمع المصري بصفة عامة من أزمة ثقة تطال جميع مفردات الحياة. وفي تقديري فإن أي مجتمع لا يثق أعضاؤه في التاجر والطبيب ورجل الدين وأجهزة الدولة والنظام الحاكم والأحزاب وحركات المعارضة السياسية.. لا بد أن ينسحب كل أعضائه من الحياة العامة، ويلتفتون فقط إلى كيفية الحصول على مقتضيات الحياة الأساسية، وهذا هو الحادث في المجتمع المصري
على أن التغير الحادث في الفترة الأخيرة نتيجة لفتح مجال الانتقاد الصريح لمجمل قضايا الحكم في مصر كان من نتائجه أن انتقل الشعب المصري من مرحلة الانسحاب التام إلى مرحلة المراقبة الحذرة. وموقف الأقباط في هذه الحالة لا يشذ كثيرا، ولكن يضاف له ما يردده البعض من أن التيار الإسلامي هو الوريث القادم للحكم؛ وهو ما يشكل هاجسا لدى الأقباط؛ لسببين
السبب الأول هو غموض خطاب التيار الإسلامي فيما يخص قضية الحريات الفردية والعامة، وأيضًا قضايا المواطنة والمساواة الكاملة في المشاركة في إدارة الحكم دون تمييز بسبب الدين.
السبب الثاني هو أن النماذج التي رآها الجميع لحكومات إسلامية بدءًا من حكومة طالبان في أفغانستان ونظام الحكم في السودان وباكستان وإيران لا تطمئن أحدًا، ناهيك عن الأقباط، وما إذا كان الحكم الإسلامي في مصر سوف يختلف عن النماذج السابقة